شعراء العصر العباسي:
في العصر العباسي انتقل مركز الحكم من دمشق الى بغداد في العراق، وفي هذا العصر نشطت الحياة الفكرية العلمية والأدبية، وتوافرت أسباب وعوامل التقدم الحضاري، وسمي ذلك العصر بالعصر الذهبي.استمر العباسيون ينظمون في الأغراض الشعرية القديمة – أي الجاهلية والاسلامية-، ولكن بما يتلاءم مع حياتهم وأذواقهم، وبيئتهم وحياتهم الجديدة، وهناك من اعترض على بعض الأغراض القديمة، كالوقوف على الأطلال، ورأى فيها تقوقعا وشيء لا يتلاءم مع العصر. وفي هذا العصر ظهرت أغراض جديدة لم تكن من قبل، مثل: الغزل الفاضح، والشعر الخمري – شعر وصف الخمرة والتغني بها – وشعر الزهد، والشعر الفلسفي وغير ذلك وفي العصر العباسي نشطت حركة النثر بما يتلاءم والنهضة الحضارية واستخدم النثر في مجالات كثيرة كالموسوعات الأدبية، والسياسية والاجتماعية والتاريخية والعلمية، وفي هذا العصر وضعت قواعد البلاغة. وفي الأندلس نشأ الأدب العربي وكان باتصال مستمر مع تطور الأدب العربي العباسي.
أبو فراس الحمداني:
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي شاعر وأمير ابن عم سيف الدولة قاتل بين يدي سيف الدولة، وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه، وقلده منبج وحران وأعمالها، فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام.
جرح في معركة مع الروم، فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواماً، ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة مات قتيلاً في صدد (على مقربة من حمص)، قتله رجال خاله سعد الدولة.
من أشعاره:
أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمر؟
نعم أنا مشتاق وعنـديَ لوعةٌ
ولكنّ مثلي لا يُذاع له سـرُّ
إذا الليل أضواني بسطتُ يدَ الهوى
وأذللتُ دمعاً من خلائقهِ الكِبْرُ
أبو الطيب المتنبي:
أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب. الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فحاول الهرب فقال له غلامه { أما أنت القائل الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ) ، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهو أفضل شعراء عصره
من اشعاره:
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي 000وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها00 وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي 000000حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً 0000000فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ
وَمُهجَةٍ مُهجَتي مِن هَمِّ صاحِبِها 0000أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ
رِجلاهُ في الرَكضِ رِجلٌ وَاليَدانِ يَدٌ 00وَفِعلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ0 حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ
فَالخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني 0وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
أبو العلاء المعري:
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند)، و(ضوء السقط) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة) صغيرة، و(رسالة الغفران)، و(الفصول والغايات)، و(رسالة الصاهل والشاحج).
من أشعاره:
وَرَائي أمامٌ، والأمامُ وَراءُ،
إذا أنا لم تُكْبِرْنِيَ الكُبَرَاءُ
بأيّ لِسانٍ ذامَني مُتَجاهِلٌ
علَيّ، وخَفْقُ الرّيحِ فيّ ثَناءُ
تكَلّمَ، بالقَوْلِ المُضَلَّلِ، حاسِدٌ،
وكُلُّ كلامِ الحاسدِينَ هُراءُ
ومَنْ هوَ، حتى يُحْمَلَ النّطْقُ عن فمي
إليه، وتمْشي بينَنا السُّفَراء؟
وإنّي لَمُثْرٍ، يا ابنَ آخِرِ ليْلَةٍ،
وإنْ عَزّ مالٌ، فالقُنوعُ ثَراء
ومُذْ قال: إنّ ابن اللّئيمةِ شاعِرٌ،
ذَوُو الجَهْلِ، ماتَ الشّعْرُ والشّعَراء
تُساوِرُ فَحْلَ الشعْرِ، أو ليْثَ غابِه،
سِفاهاً، وأنتَ الناقةُ العَشْراء
أتَمْشي القَوافي تحتَ غيرِ لِوائنا،
ونحْنُ، على قُوّالِهَا، أُمَراء؟
وأيُّ عَظيمٍ رابَ أهْلَ بلادِنا،
فإنّا، على تَغْيِيرِهِ، قُدَراء
أبو نواس:
الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء.
شاعر العراق في عصره. ولد في الأهواز من بلاد خوزستان ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، ومدح بعضهم، وخرج إلى دمشق، ومنها إلى مصر، فمدح أميرها ، وعاد إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي فيها.
كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان، فنسب إليه، وفي تاريخ ابن عساكر أن أباه من أهل دمشق،وفي تاريخ بغداد أنه من طيء من بني سعد العشيرة.
هو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، وقد نظم في جميع أنواع الشعر، وأجود شعره خمرياته.
من أشعاره:
من لاف كأنا كل شيء يتمنى مخير أن يكونا
أكل الدهر ما تجسم فيها وتبقى لبائها مكنونا
فإذا ما اجتليتها فهباء تمنع الكف ما تبيح العيونا
ابن الرومي:
علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي.
شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس.
ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله (وزير المعتضد) وكان ابن الرومي قد هجاه.
قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته.
وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي
من اشعاره:
عـدوّك مـن صديقـك مستفــاد
فـلا تستكثـرن مـن الصحــابِ
فـإن الـداء أكـثـر مـا تــراهُ
يكـون مـن الطعـام أو الشـرابِ
إذا انقلـب الصـديق غـدا عـدوّاً
مُبينـاً ، والامـور إلـى إنـقـلابِ
ولو كان الكثيـر يَطيـب ، كانـت
مصاحبـة الكثيـر مـن الصــوابِ
ولـكـن قلَّمـا اسـتكثــرت إلاَّ
سقطـت على ذئـاب فـي ثيـابِ
فـدع عنـك الكثيـر فكـم كثيـرٍ
يُعـاف وكـم قليـلٌ مستطــابِ
ابو العتاهيه العنزي:
إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق.
شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد. كان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي المهدي، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه، فأطلقه. توفي في بغداد
من اشعاره:
أشَدُّ الجِهادِ جِهادُ الهوَى، ....... وما كَرْمَ المَرْءَ إلاّ التُّقَى
وأخلاقُ ذي الفضْلِ مَعرُوفَةٌ ....... ببَذلِ الجَميلِ، وكفّ الأذى
وكلُّ الفُكاهاتِ مَملُولَةٌ، ....... وطولُ التّعاشُرِ فيهِ القِلَى
وكلُّ طَريفٍ لَهُ لَذّةٌ؛ ....... وكلُّ تَليدٍ سَريعُ البِلَى
وَلا شيءَ إلاّ لَهُ آفَةٌ؛ ....... وَلا شيءَ إلاّ لهُ مُنتَهَى
ولَيسَ الغِنى نَشَبٌ في يدٍ، ....... ولكنْ غِنى النّفس كلُّ الغِنى
وإنّا لَفي صُنُعٍ ظاهِرٍ ....... يَدُلّ على صانعٍ لا يُرَى
أبو تمام:
حبيب بن أوس بن الحارث الطائي.
أحد أمراء البيان، ولد بجاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق ثم ولي بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها.
كان أسمر، طويلاً، فصيحاً، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع.
في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، له تصانيف، منها فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل، نُسِبَ إليه ولعله للأصمعي كما يرى الميمني.
وذهب مرجليوث في دائرة المعارف إلى أن والد أبي تمام كان نصرانياً يسمى ثادوس، أو ثيودوس، واستبدل الابن هذا الاسم فجعله أوساً بعد اعتناقه الإسلام ووصل نسبه بقبيلة طيء وكان أبوه خماراً في دمشق وعمل هو حائكاً فيها ثمَّ انتقل إلى حمص وبدأ بها حياته الشعرية.
وفي أخبار أبي تمام للصولي: أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء.
من أشعاره:
السيف أصدق انباء من الكتب ..........في حده الحد بين الجد واللعب
متونهن جلاء الشك والريب .......... بين الخميسين لا في السبعة الشهب
صاغوه من زخرف فيها ومن كذب .......... ليست ينبع إذا عدت ولا غرب
عنهن في صفر الأصفار أو رجب ..........إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
ماكان منقلباً أو غير منقلب ..........مادار في فلك منها وفي قطب
لم تخف ماحل بالأوثان والصليب ..........نظم من الشعر أو نثر من الخطب
وتبرز الأرض في أثوابها القشب ..........عنك المنى حفلاً معسولة الحلب
والمشركين ودار الشرك في صبب ..........فداءها كل أم منهم وأب
كسرى وصدت صدوداً عن ابي كرب ..........ولا ترقت اليها همة النوب
شابت نواصي الليالي وهي لم تشب ..........مخض البخيلة كانت زبدة الحقب
منها وكان اسمها فراجة الكرب ..........إذ غودرت وحشة الساحات والرحب
كان الخراب لها أعدى من الجرب ..........قاني الذوائب من اني دم سرب
لاسنة الدين والإسلام مختضب ..........للنار يوماً ذليل الصخر والخشب
يشله وسطها صبح من اللهب ..........عن لونها أو كأن الشمس لم تغب
وظلمة من دخان في ضحى شحب ..........والشمس واجبة من ذا ولم تجب
عن يوم هيجاء منها طاهر جنب ..........بان بأهل ولم تغرب على عزب
ابن عنين:
محمد بن نصر الله بن مكارم بن الحسن بن عنين أبو المحاسن شرف الدين الزرعي الحوراني الدمشقي الأنصاري.
أعظم شعراء عصره، مولده ووفاته بدمشق، كان يقول أن أصله من الكوفة، من الأنصار.
كان هجاءً، قل من سلم من شره في دمشق، حتى السلطان صلاح الدين، ذهب إلى العراق والجزيرة وأذربيجان وخراسان، واليمن ومصر.
وعاد إلى دمشق بعد وفاة صلاح الدين فمدح الملك العادل وتقرب منه، وكان وافر الحرية عند الملوك.
وتولى الكتابة والوزارة للملك المعظم، بدمشق في آخر دولته، ومدة الملك الناصر، وانفصل عنها في أيام الملك الأشرف فلزم بيته إلى أن مات.
من أشعاره:
يا مخجلَ الغيثِ المُلِثّ إِذا همى00 ومُهَجّنَ البحرِ المحيطِ إِذا طَما
أنتَ الذي ما زالَ واضحُ رأيهِ 00كالصبحِ إِنْ ليلُ الحوادثِ أظلما
ياكعبة َ الفضلِ الذي ناديتهُ 00000بالحجّ أقدِمني إِليها مُحرِما
ابن حيوس:
محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة.
شاعر الشام في عصره، يلقب بالإمارة وكان أبوه من أمراء العرب.
ولد ونشأ بدمشق وتقرب من بعض الولاة والوزراء بمدائحه لهم وأكثر من مدح أنوشتكين، وزير الفاطميين وله فيه أربعون قصيدة.
ولما اختلّ أمر الفاطميين وعمّت الفتن بلاد الشام ضاعت أمواله ورقت حاله فرحل إلى حلب وانقطع إلى أصحابها بني مرداس فمدحهم وعاش في ظلالهم إلى أن توفي بحلب.
من أشعاره:
ما بهرتَ العقولَ يا معجزَ الآيا تِ إِلاَّ لِتَجْمَعَ اُلأَهْواءَ
هُدْنَة ٌ بَقَّتِ النُّفُوسَ عَلَى الرُّو فكانوا بشكرها أملياءَ
سَلَّ مَنْهُ سَيْفاً عَلَى غِيَر الأ يَّامِ وَکجْتابَ نَثْرة ً حَصْداءَ
يا مُبِيدَ اُلأْحْقادِ أَعْظَمُ طَبٍّ واحدٌ عمَّ نفعهُ الأعضاءَ
حزتَ حكمَ الجيوشِ فيهمْ وما جهز تَ جيشاً وَلا عقدتَ لواءَ
فَأَقِمْ وادِعاً فَما نِلْتَ بالآ راءِ تُفتي العِدى وَتُبْقي العِداءَ
وَعظتهمْ آياتكَ اللائي حطتْ عنْ رجالِ الخلافة ِ الأعباءَ
في كُماة ٍ تَمْشي الْبَرَاحَ إِلى الْمَوْ ـدِ إِلاّ لِتَعْدَمَ الأكْفاءَ
كيفَ يقوى على محاربة ِ الطا ردِ من لا يواجهُ الطرداءَ
كانَ إِقدامُ عامِرٍ لَكَ إِضْرا ءً وقَدْ أَحْسَنُوا هُناكَ الْبَلاءَ
حِينَ راؤُا السُّيُوفَ لَمْ تُغْنِ شَيْئاً أَغْمَدُوها وَجَرَّدُوا الآراءَ
وَأَناخُوا بِكَ الْمُنى حِينَ أَلْفَوْا في يديكَ الأراءَ وَالإجراءَ
فسقيتَ المنى منَ الأمنِ رياً وَركزتَ القنا اللدانَ ظماءَ
منة ٌ علمتْ ذوي البخلِ الجو دَ وَسَنَّتْ للْعادِمينَ الْوَفاءَ
فَعَلُوا ما حَبَاكَ مَجْداً فَلَمْ أَدْ رِ اعْتِماداً أَتَوْهُ أَمْ إِخْطاءَ
لوْ تيممتَ أرضَ خفانَ يوماً لأحلتَ الزئيرَ فيها عواءَ
عَرَفَ النَّاسُ مِنْهُمُ الْحَزْمَ قِدْماً فلهذا سموهم حكماءَ
لمْ تزلْ تقهرُ العدى فلهذا كُلَّما أَنْجَبُوا اسْتَزَدْتَ سَناءَ
أيُّ حيفٍ وَللخلافة ِ سيفٌ تَسْتَمِدُّ السُّيوفُ مِنْهُ الْمَضاءَ
فلتفاخرْ بحدهِ بعدَ علمٍ ـة َ فَکصْفَحْ حَمِيَّة ً وَإِباءَ
رُقْتَهُمْ بِالإِباءِ وَالنُّصْحِ فَالآ باءُ منهمْ توصي بكَ الأبناءَ
توقدُ النارُ في الظلامِ وَلكنْ لَيْسَ يَجْلوُ الْهَزِيعَ كَابْنِ ذُكاءَ
وَلمنْ يبتغي عقوقكَ ظنٌّ عودتهُ صفاتكَ الإكداءَ
مَنْ بَغى أَنْ يَعِزَّ سِلْماً وَحَرْباً فَلْيقارِعْ قِراعَكَ الأعْداءَ
فَإِذا ما الأصْحابُ خامَتْ عَنِ الأرْ بابِ كانُوا بِسَيْفِهِ عُتَقاءَ
أنتَ غيثٌ إذا اعترى الأرضَ محلٌ وَدواءٌ إذا اشتكى الدينُ داءَ
فضتَ حتى على الترابِ نوالاً وَفَكَكْتَ الْعُناة َ حَتّى الْماءَ
أَفَعَيْناً حَفَرْتَ أَمْ هُوَ بَحْرٌ بانَ لما كشفتَ عنهُ الغطاءَ
لَمْ نَخَلْ قَطٌّ أَنَّ في الْعَزْمِ سَيْلاً تَذْهَبُ الرّاسِياتُ فيهِ جُفاءَ
قَدْ رَأَتْ رَأَيَكَ الْمُلوكُ وَعَجْزاً تَرَكُوا ما أَتَيْتَ لا إِلْغاءَ
ابن النبيه:
علي بن محمد بن الحسن بن يوسف أبو الحسن كمال الدين.
شاعر منشئ من أهل مصر، مدح الأيوبيين وتولى ديوان الإنشاء للملك الأشرف موسى
ورحل إلى نصيبين فسكنها وتوفي بها.
له ديوان شعر صغير انتقاه من مجموع شعره.
من أشعاره:
ابو الفضل المكيالي:
عبيد الله بن أحمد بن علي الميكالي أبو الفضل.
أمير من الكتاب الشعراء، من أهل خراسان، صنف الثعالبي (ثمار القلوب) لخزانته وأورد في يتيمة الدهر محاسن ما نثره ونظمه.
وكذلك مختارات من كتابه المخزون المستخرج من رسائله.
وسماه صاحب فوات الوفيات "عبد الرحمن بن أحمد" وأورد من شعره ما يوافق بعض ما في اليتيمة، مما يؤكد أنهما شخص واحد.
وذكر له من المؤلفات مخزون البلاغة، (المنتحل) و(ديوان شعره) وغيره.
وفي كشف الظنون أسماء بعضها منسوبة إلى مؤلفها عبيد الله بن أحمد
من أشعاره:
كتبتُ إليكَ وَلي مُقلة ٌ تَسُحّ بفَيضٍ عَليكَ الغُروبا
وقلبٌ يذوبُ بنارِ الهوى ولستُ بخيلاً به أن يذُوبا
ومنْ يطوِ مكنونَ أحشائِه على غُللِ الحُب قاسى الكروبا
ومنْ يُمتَحن بفراقِ الحبيبِ يُلاقِ من الوجدِ أمراً عَجيبا
وقد كنتُ أحسبُني صَابِراً جليدَ القُوى حينَ ألقى الخُطُوبا
فانكرتُ نَفْسي وألفيتُها ضَعِيفَ القُوى إذ فقدتُ الحَبيبا
فقد ألِفَ الجَفنُ فيه السَّجُومَ وقدْ ألِفَ القلبُ فيه الوجَيبا
شكوتُ هَوَاه إلى مُقلتي فأذرَتْ على الخَدِّ دَمعاً خَضيبا
ولما تَمادى به عَتبُهُ ولم أرَ عِندي لصَبرٍ نَصِيبا
بعثتُ إليه بشكوى النّزاعِ وأمّلتُ من كَثَبٍ أنْ يؤوبا
فثبّطه قَدَرٌ حكمُه على كلِ ذي أملٍ أنْ يَخيبا
وإني وفَرطَ انتظاري له وخوفيَ من عائقٍ أن يَنُوبا
كمُنتظرِ الفِطرِ يومَ الصّيامِ ومُرتقبِ الشَمسِ حتى تَغِيبا
وكالمُبتلى ليله بالسّقامِ يُراعي الصَّباح ويرجُو الطَّبيبا
الإمام الشافعي:
محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي أبو عبد الله.
أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة وإليه نسبة الشافعية كافة. ولد في غزة بفلسطين وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين، وزار بغداد مرتين وقصد مصر سنة 199 فتوفي بها وقبره معروف في القاهرة.
قال المبرد: كان الشافعي أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراآت، وقال الإمام ابن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منّة.
كان من أحذق قريش بالرمي، يصيب من العشرة عشرة، برع في ذلك أولاً كما برع في الشعر واللغة وأيام العرب ثم أقبل على الفقه والحديث وأفتى وهو ابن عشرين سنة.
من أشعاره:
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا=فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة=وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه =ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة=فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله =ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده=ويظهر سرا كان بالأمس قد خفى
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها =صديق صدوق صادق الوعد منصفا
الإيبوردي:
المظفر محمد بن العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن آسحاق بن أبي العباس الإمام.
شاعر ولد في كوفن، وكان إماماً في اللغة والنحو والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء.
وله كتب كثيرة منها تاريخ أبيورنسا, المختلف والمؤتلف، قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان وغيرها الكثير.وقد كانَ حسن السيرة جميل الأمر، حسن الاعتقار جميل الطريقة.وقد عاش حياة حافلة بالأحداث، الفتن، التقلبات، وقد دخل بغداد، وترحل في بلاد خراسان ومدح الملوك، الخلفاء ومنهم المقتدي بأمر الله وولده المستظهر بالله العباسيين.وقد ماتَ الأبيوردي مسموماً بأَصفهان.
من أشعاره:
أتهويمة في ظل أمن وغبطة
وعيش كنوار الخميلة ناعم
وإخوانكم في الشام يضحي مقيلهم
ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الروم الهوان وأنتم
تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
أبو الشيص الخزاعي:
محمد بن علي بن عبد الله بن رزين بن سليمان بن تميم الخزاعي.
شاعر مطبوع، سريع الخاطر رقيق الألفاظ.من أهل الكوفة غلبه على الشهرة معاصراه صريع الغواني وأبو النواس. وانقطع إلى أمير الرقة عقبة بن جعفر الخزاعي فأغناه عقبة عن سواه.ولقبه أبو الشيص ويقال للنخلة إذا لم يكن لها نوى وذلك رديء مذموم.
وهو ابن عم دعبل الخزاعي، عمي في آخر عمره قتله خادم لعقبة في الرقة.
من اشعاره ونسبت لشعراء غيره :
بِالطُلولِ لِسائِلِ رَدُّ ... أَم هَل لَها بِتَكَلُّم عَهدُ
.. أبلى الجَديدُ جَديدَ مَعهَدِها... فَكَأَنَّما هو رَيطَةٌ جُردُ
مِن طولِ ما تَبكي الغيومُ عَلى... عَرَصاتِها وَيُقَهقِهُ الرَعدُ
.. وَتُلِثُّ سارِيَةٌ وَغادِيَةٌ ... وَيَكُرُّ نَحسٌ خَلفَهُ سَعدُ
. تَلقى شَآمِيَةٌ يَمانِيَةً ... لَهُما بِمَورِ تُرابِها سَردُ
.. فَكَسَت بَواطِنُها ظَواهِرَها ... نَوراً كَأَنَّ زُهاءَهُ بُردُ
ُ يَغدو فَيَسدي نَسجَهُ حَدِبٌ ... واهي العُرى وينيرُهُ عهدُ
. فَوَقَفت أَسأَلَها وَلَيسَ بِها ... إِلّا المَها وَنَقانِقٌ رُبدُ
وَمُكَدَّمٌ في عانَةٍ جزأت ... حَتّى يُهَيِّجَ شَأوَها الوِرد
. .. فَتَبادَرَت دِرَرُ الشُؤونِ عَلى ... خَدّى كَما يَتَناثَرُ العِقدُ
ُ أَو نَضحُ عَزلاءِ الشَعيبِ وَقَد ... راحَ العَسيفَ بِملئِها يَعدو
.. لَهَفي عَلى دَعدٍ وَما حفَلت ... إِلّا بجرِّ تلَهُّفي دَعدُ
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأَديمُ أديم ... الحُسنِ فَهُوَ لِجِلدِها جِلدُ
وَيَزينُ فَودَيها إِذا حَسَرَت ... ضافي الغَدائِرِ فاحِمٌ جَعدُ
. فَالوَجهُ مِثلُ الصُبحِ مبيضٌ ... والفَرعُ مِثلَ اللَيلِ مُسوَد
ُّ ضِدّانِ لِما اِستَجمِعا حَسُنا ... وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ
. . وَجَبينُها صَلتٌ وَحاجِبها ... شَختُ المَخَطِّ أَزَجُّ مُمتَدُّ
وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت ... أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ
بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ ... وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمد
وَتُريكَ عِرنيناً به شَمَمٌ ... وتُريك خَدّاً لَونُهُ الوَردُ
وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلى... رَتلٍ كَأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ
والجِيدُ منها جيدُ جازئةٍ ... تعطو إذا ما طالها المَردُ
وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُها ... وَالنَحرُ ماءَ الحُسنِ إِذ تَبدو
وَاِمتَدَّ مِن أَعضادِها قَصَبٌ ... فَعمٌ زهتهُ مَرافِقٌ دُرد
ُ وَلَها بَنانٌ لَو أَرَدتَ لَهُ ... عَقداً بِكَفِّكَ أَمكَنُ العَقدُ
ابو الفضل العباس بن الأحنف:
العبّاس بن الأحنف بن الأسود، الحنفي (نسبة إلى بني حنيفة)، اليمامي، أبو الفضل.
شاعر غَزِل رقيق، قال فيه البحتري: أغزل الناس، أصله من اليمامة بنجد، وكان أهله في البصرة وبها مات أبوه ونشأ ببغداد وتوفي بها، وقيل بالبصرة.
خالف الشعراء في طرقهم فلم يمدح ولم يَهجُ بل كان شعره كله غزلاً وتشبيباً، وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي، قال في البداية والنهاية: أصله من عرب خراسان ومنشأه ببغداد.
من أشعاره:
يا لائمي في العِشـقِ مَـهْ لا خير فيمن ليسَ يعشـقْ
أتَلومنـي فيـمـن أنــا مـن حُبّـهِ مثـلُ المُعَلَّـقْ
وكـأنّ قَلبـي مِـنْ هَـوَا هُ في وَثَاقٍ ليـسَ يُطلـقْ
يا مـن رأى مثلـي فتـى ً يسعى طليقاً وهو مُوْثَـقْ
مـن حُـبّ خَـوْدٍ طَفْلَـة ٍ كالشَّمس حسناً حين تُشرِقْ
فـإذا يُـنـادَى باسمِـهـا ظلّـتْ مدامعُـهُ تَرَقْـرَقْ
وإذا يَـمُــرُّ بِبـابِـهـا لثَمَ الجدارَ وظَـلّ يُصْعَـقْ
وإذا تذكَّـرهـا بـكــى حتى تكادُ النّفـسُ تَزْهَـقْ
فتَـراهُ مِـنْ وَجْـدٍ بِـهـا مُتوجِّعـاً يبكـي ويشهـقْ
هــذا الـبَـلاءُ بعَيـنِـهِ يا إخوتي يغـدو ويَطـرُقْ
أصبحتُ في لُججِ الهـوى ذا صبوة ٍ أطفـو وأغـرقْ
وإذا فرَرْتُ مـن الهَـوى ألفَيتُـهُ يَسعَـى ويَلـحَـقْ
أينَ الفِـرارُ مـن الهـوى ويلي ومِنهُ عَلـيّ خَنْـدَقْ
والله مـالــي حـيـلـة ٌ لكِنّنـي أرجـو وأفـرَقْ
وا فـوزُ مُنّـي واجمعـي من شملنـا ماقـد تفـرّقْ
مـا لـي أُحِــبُّ ولا أُحَ بُّ كذاكَ بعضُا لنّاسِ يرزقْ
الحُـبُّ سَخَّرَنـي لَـكُـمْ تسخير عبدٍ ليـسَ يُعتـقْ
عذّبتمـوا جسـدي بــحُ بكمُ فلـو يستطيـعُ ينطِـقْ
لشَكـا إليـكُـمْ بالبُـكَـا ءِ وبالتضـرِّعِ والتمـلّـقْ
ابن رشيق القيرواني:
الحسن بن رشيق القيرواني أبو علي.
أديب، نقاد، باحث، كان أبوه من موالي الأزد، ولد في المسيلة (بالمغرب) وتعلم الصياغة، ثم مال إلى الأدب وقال الشعر.
رحل إلى القيروان سنة 406هـ "مدح ملكها" واشتهر فيها.
وحدثت فتنة فانتقل إلى جزيرة صقلية، وأقام بمازر إحدى مدنها، إلى أن توفي
من أشعاره:
المنايا حَتْمٌ فَطُوبَى لِنَفْسٍ سَلَّمَتْ بالرِّضَى لِحُكْمِ القَضاءِ
لَوْ بِوُدِّي قَتلَتْ نَفْسي لأِلَقا هُ وَلَكِنْ خَشِيتُ فَوْتَ اللِّقاءِ