شعاع برق Admin
747 04/09/2009 المزاج : كووووووووووول
| موضوع: يا صديقي كم تساوي الأحد نوفمبر 08, 2009 8:46 am | |
| في زمن طغت فيه المادة وتجبرت، وحكمت فيه المادة وتسيدت، لم يبق لقلوبنا من أمل تنشده سوى ومض خافت يتراءى في نهاية النفق، ومض من قلب صديق صدوق مخلص، ومض يربت -على أفئدتنا المجهدة من قسوة الحياة- ربت الأم الحانية على صدر طفلها الصغير كي تستدعى إلى نفسه الحيرى ما ولى عنها من حنان، وما زاغ عنها من أمان.
فيا صديقي في زمن الجفاء.. ألا تعلم أنك منى، وأنا منك؟ فإن ناديتك بأنا، أو ناديتنى بأنت..فلا فرق، ففي عالم الذر قبل أن نكون جسدين التقينا، كيف؟ لا أعرف، لكن الثابت عندي أن قلبي قد التقي بقلبك، وأن روحي قد تعانقت مع روحك، وجرى بيني وبينك عهد على الوفاء والإخلاص ما حيينا.
صديقي، انظر إليك وإلىَّ لترى كيف تلاشت بيننا المسافات، وذابت بيننا الفواصل، حتى انصهر كل منا في بوتقة الحب المترفع عن المصلحة والهوى، ألا ترى ذاك التآلف الحميم بين الهواجس والنظرات، ألا ترى ذاك التقارب الودود بين نبض الأنفاس، ودفق الإحساس، وهمس الظنون؟!.
صديقي، اعلم أنك روضتي وجنتي وفردوسي فوق الثرى، اعلم أنك كل بسماتي وضحكاتي ولب حياتي، اعلم أنك ظلي الوارف، ونسمتي الحانية من حر الأنانية، اعلم أنك مستقري إن ضاقت بى الأرض وضج منى الخلق، اعلم أنك ربيعي الفواح وإن تساقطت كل أوراق الشجر، اعلم أنك سترى وحصني من برد الشتاء وهول الرعود، إن كنت تعلم ذلك منى، فاعلم أنك في الأمر مثلى، إذ الحياة لا تستقيم إلا وأنا ساكنك وأنت ساكني!!.
لقد راودني كما راودك - من بعد العز- شك أن المال يغنى عما تعاهدنا عليه في الأزل من صداقة وحب، لكن عند أول زلة قدم طاش الشك اللعين، وخابت كل الهواجس الخبيثة، حيث مكث في الأرض ما ينفعنا وذهب الزبد جفاءً، كم كانت التجربة قاسية، لكنها كانت كالنار الشديدة التي لا تزيد المعدن الثمين إلا بريقاً ولمعاناً، فبقدر ما كان الألم وكانت الحسرة، بقدر ما كان اليقين بقيمة ما بيني وبينك، فهل علمت يا صديقي كم يساوى ما بيني وبينك من متاع الدنيا؟
أظنك أذكى من أن تسارع إلى إعمال لغة المادة والتجارة في الإجابة، لأن الشيء الذي بيننا أكبر من أن يُعيَّر بمعيار البيع والشراء.
الآن يا صديقي أيقنت - أكثر من أي وقت مضى- كم مَنَّ الله على وعليك بنعمة لا تـُقدر بثمن، الآن عرفت لماذا غادرت البسمة الصافية وجوهنا بعدما كانت لازمة لا تغادر لنا ثغر، الآن عرفت لماذا رحلت الطمأنينة والسكينة من نفسي ونفسك، الآن عرفت لماذا حل القلق والاضطراب بساحتي ودربي، وكذلك أنت، الآن عرفت لماذا قسي القلب من بعد صفاء وحب؟.
صديقي، لقد تعاملنا مع نعمة الله علينا بشيء من الاستهتار والتعالي، فأوشكت أن ترحل من ساحتي وساحتك، فهل لي ولك من ثورة عارمة على القلق والشك والحيرة؟ هل لي ولك من سباحة نحو شاطئ السكينة والراحة؟ هل لي ولك من معراج إلى الصفاء والشفافية؟ هل لي ولك من ارتقاء إلى السماء ضد جاذبية الغرض والهوى؟ هل من سياحة في جو الملائكة الذين لا يحقدون ولا يكرهون؟ هل لي ولك من هجرة إلى أرض تنعم بصداقة حقيقية تنأى عن شح النفس، ووضاعة الغرض؟.
صديقي،هل وصلتك الرسالة؟ أرجوك أعد قراءتها.
| |
|