ثلاث خطوات للتأمل والمشاهدةأشهد... هذه الكلمة هي السر... الأعظم من الموت والولادة... أساس كل أنواع التأمل... المراقبة بوعي وإرادة...تذكر هذا دائماً وأبداً... كل عمل عبادة.... هناك ثلاث خطوات للمشاهدة: أول خطوة يجب أن تكون الأسهل... وهي مراقبة الجسد الملموس المحسوس.من السهل مشاهدة يدي وهي تتحرك، أو أن أشاهد نفسي وأنا أمشي في الطريق، يمكن أن أشهد على كل خطوة في مشيتي... بمكن أن أشاهد نفسي وأنا آكل طعامي....إذاً الخطوة الأولى في التأمل هي مشاهدة أفعال الجسد، وهي الخطوة الأسهل... أية طريقة علمية تبدأ بالجزء الأسهل.. وبينما تشهد على جسدك ستفاجئك تجارب جديدة.. عندما تحرك يدك بحذر، بمراقبة، بمشاهدة، بوعي، ستشعر بنور ونعمة إلهية.. بصمت معين في يدك... يمكن أن تقوم بالحركة ذاتها دون مراقبة وستكون سريعة ميتة دون أي بركة.الخطوة الثانية هي مشاهدة الفكر.. الآن تنتقل إلى عالم أكثر رقة.... شاهد أفكارك .إذا نجحت واستطعت مشاهدة جسدك، فلن تجد أية صعوبة هنا.الأفكار هي موجات رقيقة، موجات الكترونية، موجات لا سلكية لكنها مادية مثل جسدك...الأفكار ليست مرئية مثل الهواء، فهو ليس مرئياً أيضاً لكنه مادي مثل الحجر...هذه هي الخطوة الثانية الوسطى.. أنت تنتقل إلى اللامرئي لكنه ما يزال مادي.. راقب أفكارك... الشرط الوحيد هو: "لا تصدر الأحكام" لأنه في اللحظة التي تبدأ بها إصدار الأحكام تنسى المشاهدة... ليس بسبب أي معاداة نحو إصدار الأحكام لكن السبب في منعه هو أنه في اللحظة التي تبدأ إصدار الأحكام..."هذه الفكرة جيدة "... في تلك اللحظة لم تكن شاهداً.. بدأت تفكر، بدأت تتورط... لم تبقى بعيداً، واقفاً على حافة الطريق تشاهد حركة السير...لا تصبح مشاركاً في أفكارك.. سواء في المدح أو التقييم أو الإدانة... لا يجب أخذ أي موقف عما يجري في الفكر... يجب أن تراقب أفكارك كأنها غيوم تمر في السماء.. لا تصدر الأحكام على أفكارك... "هذه الغيمة السوداء شريرة جداً"، "هذه الغيمة البيضاء قديسة ولطيفة"... الغيوم هي غيوم... ليست شريرة ولا جيدة... وهكذا الأفكار... إنها فقط موجات صغيرة تمر من خلال دماغك...راقب دون أي حكم وسترى مفاجآت أكبر...كلما كانت مشاهدتك مستقرة كلما تناقصت أفكارك أكثر وأكثر... بالنسبة نفسها... إذا كنت %50 في مشاهدتك فإن %50 من أفكارك ستختفي..إذا كنت %60 في مشاهدتك فإن %40 من أفكارك ستبقى...عندما تكون %99 شاهداً تماماً... مرة بعد مرة ستعبر فكرة وحيدة في الطريق، فقط %1، لكن حركة السير تكون قد اختفت... ساعة ازدحام السير لم تعد موجودة ....عندما تكون %100 غير مصدر للأحكام، وشاهد فقط... فأنت الآن مرآة... لأن المرآة لا تصدر الأحكام أبداً... لا فرق سواء نظرت فيها امرأة بشعة أم امرأة جميلة أم لم ينظر فيها أحد.... المرآة صافية حتى عندما ينعكس فيها أحد ما... لا الانعكاس يعكرها ولا غياب الانعكاس... المشاهدة تصبح مرآة
وهذا إنجاز عظيم في التأمل
لقد اجتزتَ نصف الطريق وهذا كان الجزء الأصعب فيه
الآن صرتَ تعرف السر...
والسر نفسه سيُطبق لأشياء أعمق
من الأفكار عليك أن تنتقل إلى تجارب أكثر رقة.... وهي العواطف، المشاعر وتقلبات المزاج...وهذه الخطوة الثالثة: من الفكر إلى القلب... وبنفس الشرط: لا أحكام... كن شاهداً فقط.... والمفاجأة ستكون أن مزاجك ومعظم عواطفك ومشاعرك التي تتحكم بك... سيحصل لها شيء جديد... عادة عندما تشعر بالحزن فأنت تحت سيطرة الحزن، عندما تشعر بالغضب... لا يكون الغضب في جزء معين بل إنك تمتلئ به.. كل خلية فيك تنبض غضباً... بمشاهدة قلبك... ستختبر أن لا شيء يسيطر عليك الآن... الحزن يأتي ويذهب لكنك لا تصبح حزيناً... السعادة تأتي وتذهب لكنك لا تصبح سعيداً أيضاً... لا تفرحوا ولا تحزنوا... مهما تحرك في مستويات قلبك العميقة فلا شيء يؤثر فيك إطلاقاً... لأول مرة ستتذوق شيء من السيادة وتستلم دفة القيادة... لم تعد عبداً تُدفع وتُسحب باتجاه أو آخر حيث العواطف والمشاعر التي كانت تزعجك من قِبل أحدهم لأي أمر تافه....عندما تصبح شاهداً في الخطوة الثالثة ستصبح لأول مرة سيداً على نفسك.... لا شيء يزعجك... لا شيء يتحكم بك... كل شيء يبقى بعيداً في أسفل الأعماق وأنت في القمة... هذه هي الخطوات الثلاثة والثالوث المقدس في كل إنسان...
الخطوات الثلاثة تأخذك إلى باب بيتك ومعبدك، وهو باب مفتوح...
عندما تصبح شاهداً بالكامل على جسدك، فكرك، قلبك، لا تستطيع بعد ذلك فعل شيء... ستضطر للانتظار.. عندما تكتمل هذه الخطوات الثلاثة فالخطوة الرابعة تحدث من تلقاء نفسها، تأتي كمكافأة... قفزة نوعية من القلب إلى الروح... إلى مركز وجودك... لا يمكنك فعل ذلك بل إنه سيحدث من تلقاء نفسه... تذكر ذلك... لا تحاول أن تفعل ذلك لأنك إذا حاولت فإن فشلك أكيد.... إنه حدث وليس فعل... أنت تحضّر الخطوات الثلاثة والخطوة الرابعة هي مكافأة من الوجود نفسه... قفزة نوعية هائلة...فجأة... طاقة حياتك.. مشاهدتك... تدخل مركز وجودك... وتكون قد وصلت إلى منزلك الداخلي...يمكنك تسميتها اكتشاف أو تحقيق الذات، ومن عرف نفسه عرف ربه، ويمكنك تسميتها الاستنارة، يمكنك تسميتها التحرر الأقصى، لكن لا شيء أكثر من ذلك... تكون قد وصلت إلى نهاية بحثك ووجدت حقيقة الوجود والنشوة الكبرى التي يغمرك بها....
التأمل ليس عمل ولا أمل...
التأمل هو أنقى نعمة وبسمة...