شرع الله الزواج وجعل من أهدافه إشباع الحاجات النفسية والجسمية
والاجتماعية والروحية , فهو مصدر لتنمية الصحة النفسية والجسمية , وحصن
ووقاية من الأمراض النفسية والانحرافات السلوكية والأخلاقية .
وقد يكون من الطبيعي أن يمر الزوجان بعد عدة سنوات من زواجهما بمرحلة
الفتور الزوجي , كما أنه لا بأس بفترات من الملل المؤقت والعابر بين
الزوجين , ولكن ذلك بشرط ألا تطول المدة وألا يؤدي هذا الفتور إلى شرخ في
العلاقة الزوجية .
أنواع الملل والفتور الزوجي :
الملل العام : وهو الملل من روتين الحياة اليومية .
الملل العاطفي : وهو غياب المودة والرحمة بين الزوجين .
الملل الجنسي : ممارسة العلاقة الجنسية وكأنها واجب أوعدم التجديد فيها .
المظاهر والأضرار :
هناك العديد من الآثار والدلائل والمظاهر التي تدل على وجود الفتور في الحياة الزوجية , ومن هذه المظاهر ما يلي :
- شكوى الزوجة من عدم اهتمام زوجها وإعراضه عنها , وكثرة خروجه وسهره خارج
المنزل , ومعاملتها بقسوة وجفاء وعدم تقدير , كما يشكو الزوج من زوجته
إهمالها لرعايته والتعلل بالأولاد , كثرة طلباتها الشرائية , إهمالها
لزينتها أمامه , إلى غيرها من الشكاوي .
- الفتور والروتين في سائر مظاهر العلاقة الزوجية ومنها الفتور في العلاقة العاطفية والجنسية .
- شعور الزوجين أن بينهما مسافات وحواجز نفسية رغم أنهما يعيشان تحت سقف واحد .
- تضخيم الأخطاء وسوء الظن وتأويل الكلام أو الأفعال على الوجه السيئ .
- كثرة الخلافات الزوجية وارتفاع الأصوات لأتفه الأسباب .
- الصمت بين الزوجين وقلة أو انعدام الحوار بينهما .
- تكون معاناة المرأة أكثر فنراها تزور العيادات النفسية التي لا يدخلها
الرجل إلا نادراً , ويرجع ذلك إلى أن الرجل لديه وسائل تعبير وتنفيس
متعددة , بعكس المرأة التي تنطوي على مشكلتها وما تولده بداخلها من مشاعر
الألم والقلق وتشكو الصداع وآلام المعدة وفقدان البهجة والقدرة على
الاستمتاع بكل ما كانت تستمتع به .
- قد يهرب بعض الأزواج تخفيفاً للملل الزوجي أو المشكلات الزوجية والجنسية
إلى أساليب شاذة متعددة كالإدمان بكافة أنواعه , أو إقامة العلاقات
المحرمة أو الاهتمام بالعمل بشكل مبالغ فيه .
وبعض الأزواج يبحث عن زوجة ثانية أو أكثر , وبعضهم يصبر ويتحمل أوضاعه ,
وبعض الزوجات يصبرن ويدارين الأمور وقد يلجأن إلى التعويض عن الإحباطات
بشراء الحاجيات أو الاهتمام بالأطفال , أو الانحراف بمختلف أشكاله ودرجاته
.
- تعيش الأسرة: الزوجان والأبناء في جو من المشاعر السلبية .
- قد تقع الخيانات الزوجية .
-وقوع الطلاق .
الأسباب :
كما أن الفتور قد يؤدي إلى مظاهر أو مشكلات أكبر , فإنه أيضاً يكون نتيجة
لمشكلة أو عدة مشكلات متراكمة , ومن الأسباب إلي تؤدي إلى الفتور في
العلاقة الزوجية :
- الدخول إلى الحياة الزوجية بتوقعات وطموحات مثالية ( أي بعيدة عن الواقع
) قد لا يشعر بمثاليتها الزوج / الزوجة، ثم إذا عايش الواقع قد يصاب بخيبة
أمل, ثم الشعور بفتور العلاقة ثم الاعتقاد بفشل الزواج وأن الحل يكون
بإنهاء هذه العلاقة بالطلاق .
- التكرار والروتين اليومي الممل .
- عدم سعي كل من الطرفين بجدية إلى الارتقاء بمستوى حياتهما الزوجية والبحث عن حلول لكل ما يواجههما من مشكلات .
- الشك والغيرة الزائدة من أحد الزوجين للآخر تزرع بذور الفتور في علاقتهما .
- قد تؤدي بعض الأمراض الجسمية أو النفسية كالاكتئاب والقلق والفصام إلى نشوء الفتور بأنواعه.
- غياب المودة والرحمة بين الزوجين ولمدة طويلة .
الوقاية والعلاج :
- تقوية الصلة بالله عز وجل , ومن ذلك اشتراك الزوجين فيما بينهما في عدة
أنشطة كتخصيص ورد يومي في حفظ القرآن , الاستغفار , النوافل من صلاة وصدقة
وقضاء عمرة إلى غيرها من الأعمال الصالحة .
- أن يشعر كلا الزوجين بمسؤوليته عن حدوث مشكلة الفتور بينهما وأن له دور في علاجها .
وعلى المرأة الدور الأكبر في هذا , فعليها التجديد والتطوير في أسلوب
تعاملها , وفي اللمسات الرقيقة في البيت وخاصة غرفة النوم, وفي الطهي,
وتوزيع الأثاث, وممارسة هوايات جديدة, والقيام بنشاطات أسرية في المنزل
ونزهات عائلية, وعمل بعض المفاجآت , والهدية بين الحين والآخر , وهذه
الأمور ينبغي أن يقوم بها الرجل أيضاً كل بحسب اختصاصه .
- على الزوج أو الزوجة المبادرة بالحوار مع الطرف الآخر, وإيجاد مادة للحوار, مما يساعد الزوجين على تجاوز أية هوة قبل اتساعها .
- أن يكون بين الزوجين تفاهم مشترك وخاصة منذ بداية الزواج بأن يصرِّح كل
منهما للآخر ما يحب وما يكره , والاتفاق على أن يحرص كل طرف على تلبية
احتياجات الآخر النفسية والجسمية كالتقدير والاحترام والتقبل وعلى رأسها
القبول الجسدي , ثم ترجمة هذا الاتفاق إلى سلوكيات وأقوال ..على مدى حياة
زوجية مديدة بإذن الله .
- البعد عن الروتين والتكرار في العلاقة الأسرية والجنسية بين الزوجين .
- أن يتعلم كل من الزوجين مهارات التعامل مع الآخر .
- الاتزان وضبط النفس عند الانفعال أو حدوث الأزمات .
ومضة
الحياة الزوجية ما هي إلا مشاركة فكرية وعاطفية وجسدية وكل هذه المشاركات
تجعل الحياة الزوجية لهذا مذاقها الخاص مما يبتعد بها عن شبح الملل والفتور