لو
قام الذي يعاديك ويكرهك يوماً بذكر مساوئ ومعايب عنك أمام الناس وفي حضورك
، ولكن من دون أن يشير إليك أو يذكر اسمك ، فلا تقاومه وتدافع عن نفسك ،
بل قم أنت بتأييده وانتقاد من به تلك المساوئ أيضاً وكأنك لا تعلم أبداً
أنك المقصود ، وهو ما سيثير استغرابه
حاول أن تجيب على تساؤلاته
بالتطرق إلى موضوعات أخرى بعيدة عن الموضوع ، فإن أصر على الموضوع وقام
بتسميتك هذه المرة وأنك المقصود ، فاظهر له استغرابك وأنك كنت تتوقع أن
يكون ذلك مزحاً .. فإن رأيت إصرارا منه ، قم بتلطيف الأجواء عن طريق
إجابات طريفة وسرد بعض النكات . وهذا ما سيعمل على إغاظته وإثارته أكثر
فأكثر ، فتكون نتيجة ذلك ظهوره بمظهر غير لائق وهو ثائر غضبان ، في حين
تكون أنت كقطعة ثلج في صحراء سيبيريا الباردة لا تذوب أبداً . في ذلك
الوقت سيبدأ الشخص بملاحظة نفسه وأنه ثائر على لا شيء وأن مظهره بالفعل
غير لائق أمام الناس ، فيبدأ بالميلان نحو التهدئة التلقائية ، ومن ثم
الوقوع تدريجياً في دائرة الإحراج ، بداء من الناس الحاضرين أو منك أنت
المكروه .. وموقفك ذلك سيجعله يفكر مستقبلاً ألف مرة قبل أن يهاجمك أمام
الآخرين ، وسيدرك أنه ما كان يجب عليه القيام بذلك ، فتراه وقد تركك
نهائياً ، بل قد يترك معاداتك وكراهيتك أيضاً ..
من هنا يتبين أن القوة
في المرء هي في كتم الغيظ وضبط النفس ، وليست في الرد بالمثل . فإن الذي
يهاجم غيره ، يترك دائماً ثغرات كثيرة دون أن يدرك ذلك ، فتكون تلك
الثغرات هي منطلقات للهجوم المضاد من الطرف الآخر إن أراد ، ويكون ذلك
الهجوم بالضرورة مؤثراً .. ومن ذلك يتعين على أي فرد منا الابتعاد عن تلك
التفاهات وصغائر الأمور ، ولا يدع مجالاً أو مساحة في القلب لكره أحد أو
معاداته ، فالحياة قصيرة ....
القوة في المرء هي في كتم الغيظ وضبط النفس ، وليست في الرد بالمثل